احداث القصة
بابا.. إنت بتعمل إيه؟
(بابا.. إنت بتعمل إيه؟.. كان بيلحن الجملة وهو بيقولها كأنه بيغني أغنية، مديت إيدي اللي بتترعش وحطيتها على أُكرة الباب، حاولت أغمض عينيا عشان أحس بوجوده…
قلتله: ” مش بعمل حاجة يا صغيري“
صوتي تهدج جدًا، الدموع قربت توصل، روحي مليانة حزن وغضب مع بعض بيسيطروا عليا، فيه مراري في زوري، طيب إيدي التانية على وشي بحاول أغطيه، الدموع المالحة وجعت الجرح المفتوح.
كان لازم أقعد رجليا بتترعش وضعيفة، قعدت على التواليت قبل ما أقع على الأرض، إيدي سابت الباب ووقعت جنبي باستسلام، خط طويل ماشي على إيدي ببطء مرعب…
بابا.. إنت بتعمل إيه؟… رعشة بتجري في جسمي كله لما بسمع صوته، كأن حد بيلف حبل مشنقة على رقبتي، الطريقة اللي بيقول بيها الجملة، الطريقة اللي بيلحن بيها الكلام كأنه بيغني، افتكرت شفايفه الصغيرة وهو بيمص بيها صابعه لما كان رضيع لسه بيملى الدنيا فرح…
اقرأ ايضا :قصة-شبح-الرجل-العجوز-قصة-مرعبة
بدأت افتكر ذكرياتي معاه.. لما كنت في الجراج تحت عربيتي بحاول أصلحها، كان واقف جنب رجلي بيرقص وهو بينط على رجليه الصغيرة وماسك في إيده (مستر بون بون) اللعبة المفضلة ليه، مستر بون بون كان أرنب لعبة كان ماسكه من ودانه وهو بيرقص، قالي إن مستر بون بون بيحب يصلح عربيات زيي، أنه هيبقى أول أرنب بيصلح عربيات في العالم كله.
لما كنت في المطبخ بشرب زجاجة البيرة السابعة، والدته كانت بتصرخ فيا بسبب الفواتير اللي مش عارف أدفعها، الفلوس القليلة اللي بتيجي من شغلي والفلوس الكتير اللي بصرفها على تصليح العربية، كان واقف مستخبي ورا التلاجة، شعره الأشقر الطويل باين من جنب التلاجة.
والدته قررت ترمي عليا زجاجة بيرة، طبعا كانت فاضية لو كانت مليانة كنت شربتها، ماكنتش مهتم هى بتقول إيه وماكنتش مهتم هو سمع إيه، كل اللي كنت مهتم بيه إني أشرب زجاجة بيرة كمان لما أخلص اللي في إيدي دلوقت.
همس من ورا التلاجة إن مستر بون بون هيكون أفضل أرنب خفي في العالم بس أنا مكنتش مهتم…
لما كُنا في مكتبي كنت شغال وردية تانية بعد الضهر عشان عندي مواعيد تسليم شغل متأخرة، مواعيد التسليم هى اللي بتشنق الكسالى اللي زيي، كان بيشدني من إيدي، مكنش فاهم أد إيه مواعيد التسليم، لما قلتله إني لو مسلمتش الشغل في ميعاده هكون في حكم الميت..
اقرأ ايضا : اختفاء-فتاه-قصة-رعب-حقيقية-من-الواقع
سألني ليه هموت لو مخلصتش شغلي، حاولت أفهمه إن الموت هنا مش بمعناه الحرفي، كنت بكلمه من غير ما أبص له، قالي إن مستر بون بون هيكون أحسن أرنب بيصلح ناس ميتين في العالم.
الصبح وأنا قاعد في عربيتي قدرت أشغلها بس صوتها عالي ومزعج، فيه حاجة مكسورة لسه فيها مخليه العادم بتاع العربية كثيف جدًا، لعنت العربية والوقت والفلوس اللي ضاعوا في تصليحها، ضربتها برجلي بغضب، كان واقف يتفرج عليا من ورا شباك الجراج، كان بيسألني انت بتضرب العربية ليه؟
ببساطة تجاهلته، تجاهلت سؤاله، تجاهلت كل حاجة فضل يبصلي ولما لاحظ إني بتجاهله، الدموع نزلت من عينيه بحزن، استخدم مستر بون بون عشان يمسح الدموع اللي ملت وشه.
سمعت صوت العربية بتشتغل، البيرة كانت مخدراني والغضب ماليني، راسي كانت بتوجعني من ضربتها ليا، إيدي بتوجعني من ضربي ليها، صوت العربية كان جاي من الجراج المقفول عالي ومزعج، سمعت صوت العربية بتتحرك فجأة عشان تخبط في الحيطة، جريت على الجراج، الدم مالي المكان مستر بون بون واقع على الأرض وغرقان دم والعربية متكسرة تمامًا.
بابا.. إنت بتعمل إيه؟.. حطيب إيدي على ودني عشان ما أسمعوش…
الدم بيملى الأرض تحتي، سامعه بيخبط من برا الباب، أنا عارف أنه مش هو، مش حاسس بيه، الصوت حي أوي إنه يكون صوت ابني الميت، والدته سابتني في البيت لوحدي ومشيت لما مات..
كان بيصرخ فيا إني أفتح الباب، كان بيعيط بحزن، قالي إنه سامحني على موته، الدم خرج من تحت الباب لبرا، ابني مات من شهر، أنا مش عارف مين اللي برا الباب..
عارف إنه صوته بس مستحيل اللي برا يكون ابني، ابني مات ابني مش بيخبط على الباب عشان يدخلي، ابني وحشني، أنا قررت أهرب من الكائن اللي برا ده…
أنا خايف عشان كده ههرب وأروح لابني الحقيقي يطمني، أنا خايف من الكائن اللي برا.. صوت الخبط بيزيد، صوته بيتوحش، الدم بيقويه، الباب بيتكسر تحته، بصيت على شراييني المقطوعة، الدنيا بتلف بيا ابني الحقيقي بيضحكلي، الباب بيتكسر وعنيا بتتقفل للأبد)
ملحوظة: الأب نجا من حادثة الانتحار لما حد من الجيران حس بحركة غريبة في البيت فطلب النجدة، لما وصلت لقيت الباب مكسور بطريقة وحشية والأب كان واقع في الأرض وشرايينه مقطوعة، أنقذوه ولما فاق حكى الحكاية لكن مش عارف إيه اللي كان برا الباب وكان وعاوز منه إيه؟